التغيرات المناخية تجبر المزارعين على تغيير مواعيد الزراعة

السبت 22 يناير 2022 02:11 م
شارك الخبر

كتب : طلعت الطرابيشى

د. " شاكرابو المعاطى "  رئيس قسم الارصاد الجوية بمركز البحوث الزراعية    :    خريطة جديدة بمواعيد الزراعة ومقننات الرى والسماد ومكافحة الأمراض

الطبيعة تنتفض .. تنقلب على الزراعة .. تعلن الحرب بتحولات وتغيرات معاكسة شديدة التأثير هذه الأيام . فالأرض لم تعد تسير سيرتها الأولى , أو تتكلم عربى " فى أغانى سيد مكاوى " . أصبحت تنطق على غير العادة صقيع , وحرارة تفوق المعدلات الطبيعية , وتمور وتفور بزلازل وبركين وعواصف , وأعاصير وسيول . إنقلبت أحوالها 180 درجة . تتجمد المياه فى باطنها مما يزيد من إجهاد التربة الزراعية , ويستقطب أمراض وأفات فطرية وحشرية جديدة لم يألفها الفلاح من قبل .

تقلبات مناخية صادمة يشهدها القطاع الزراعى . أحدثت أضرارا بالغة على المحاصيل الزراعية . كان من نتائجها إنخفاض الإنتاج الزراعى . نتيجة " تزهير " بعض المحاصيل قبل موعدها , وعدم إكتمال نضجها . مما تسبب فى خسائر كبيرة للمزارعين . لعدم قدرتهم على تغطية تكاليف زراعتهم . 

ولهذا أصبح المزارع مع الأجواء المناخية غير المستقرة مجبرا , لإعادة حساباته فى مواعيد الزراعة , وعمليات الرى , والتسميد . إلى جانب مهمة إنتظام مطالعة نشرات الأرصاد الجوية أولا بأول . والإلتزام بتوصياتها , لمواجهة الأوبئة والأمراض التى تنشأ بسبب الأجواء المناخية المتقلبة . ومنها إنتشار الأمراض الفطرية . بإجراء رشات إضافية وقائية من مركبات المكافحة لوقاية مزروعاته . حتى يضمن إنتاج زراعى أمن , ويقلل من خسائره .

" فكرة د. أيمن أبو حديد "

ولأهمية دراسة المناخ الزراعى وتقلباتة وإمكانية التنبؤ بالضرر قبل حدوثة . إنتبهت وزارة الزراعة مبكرا لإنشاء المعمل المركزى للمناخ الزراعى . حيث تم إنشائه عام 1995 فى عهد الدكتور يوسف والى وزير الزراعة الأسبق . وكان صاحب فكرة إنشائه الدكتور أيمن أبو حديد الأستاذ بجامعة عين شمس " وزير الزراعة الاسبق "  . حيث تولى رأسته حتى أصبح وزيرا للزراعة فيما بعد .  

وبعد تجهيز المعمل بأجهزة ومعدات الرصد والإستشعار عن بعد . تم البدء فى إنشاء محطات رصد فى بعض المحافظات . حتى وصل عددها إلى 55 محطة أرصاد زراعية متخصصة على مستوى الجمهورية . تغطى أقاليم مصر المناخية السبعة " طبقا للتقسيم الفنى والجغرافى " . تغطى مناطق سيناء , ومحافظات الوجه البحرى والصعيد , والبحر الأحمر , ومرس مطروح , والوادى الجديد . اضافة الى اقامة بعض أصحاب المزارع الخاصة محطات رصد خاصة بمزارعهم , والإستعانة بمتخصصين لإدارتها .

" خريطة مقننات التسميد والرى "

وفى لقاء " لشبكة عالم الزراعة " مع الدكتور شاكر عبد العاطى أستاذ المناخ ورئيس قسم الأرصاد الجوية بالمعمل المركزى للمناخ الزراعى .  

أكد الدكتور " شاكر" أن الهدف من إنشاء المعمل , تجميع ورصد بيانات الأرصاد الجوية . ومعالجة البيانات المناخية بعد تحليلها . وتوظيفها لخدمة القطاع الزراع , ومساعدة المزارعين فى تقدير الحجم الملائم للتسميد , والرى فى حالات الأمطار , والرطوبة , والشبورة , والصقيع . وأيضا درجة الحرارة العالية . حيث أن هناك حسابات يتم مراعاتها عند سقوط الأمطار , من حيث الكميات المتساقطة على الزراعة . ولذلك يتم النزول بمقننات مياه الرى من رية , إلى ربع رية حسب كمية الأمطار المتساقطة على نوع الزراعة والمساحة االمنزرعة , ونوع الأرض قديمة , أو صحراوية . وكذلك بالنسبة للأسمدة . يتم تقدير نسب التسميد حسب الحالة المناخية . فيختلف التسميد فى المناخ شديد الحرارة عن الشبورة المائية , والصقيع والرطوبة . خاصة فى المناطق التى لايوجد بها صرف جيد . وذلك من أجل الإستغلال الأمثل للموارد الطبيعية . ولتلافى إنعكاسات الظروف المناخية والبيئية الحالية والمتوقعة على المحاصيل الزراعية . إلى جانب المساعدة فى تهيئة الصوب الزراعية , بإجراء التعديلات المناخية اللازمة . لزيادة إنتاجية الزراعات المحمية , وتحسين جودتها . وتعظيم العائد الإقتصادى منها .

" الزراعة بدون تربة "

ويشمل المعمل المركزى للمناخ على 4 أقسام . منها وحدة بحوث الزراعة الحيوية , ووحدة تعديل المناخ , ووحدة تطبيقات الأرصاد الجوية , ووحدة بحوث الزراعة اللا أرضية " الزراعة بدون تربة " المعروفة بزراعات الأسطح . ويستهدف المعمل بأقسامه الأربعة إتاحة كافة البيانات والمعلومات الإرشادية للزراعة , ووضع خرائط بالمواعيد المناسبة للزراعة , والرى , والأمراض المصاحبة للتغيرات المناخية . حتى يكون المزارع على علم بالصورة العامة بالزراعة , وأضرار التقلبات المناخية على كل نوع من المحاصيل الزراعية . حتى جنى الثمار "الحصاد "

" تأخر مواعيد الزراعة "    

توصيات محطات الرصد الزراعية : ومن بين الإجراءات التى يجب على المزارعين الأخذ بها قبل الزراعة :

·      أولا : الإلتزام  ببيانات النشرات الجوية الزراعية . ومنها تأخير زراعة بعض المحاصيل " زحزحة مواعيدها " عن مواعيدها المتعارف عليها  . وينطبق هذا الإجراء على عدد كبير من المحاصيل هذا العام بسبب الظروف المناخية المعاكسة . كإرتفاع درجة الحرارة والرطوبة فى أوقات من فصل الصيف أكثر من المعدلات الطبيعية , وزيادة كميات الأمطار , وشدة درجات الصقيع , والشبورة المائية فى فصل الشتاء بالمقارنة بالسنوات السابقة . ولذلك ينصح المعمل المركزى للمناخ الزراعى :

·      تأخير زراعة بعض المحصيل عن مواعيدها . وفى مقدمتها القمح , والذرة , والفول والبطاطس .

·      بالنسبة لمحصول القمح تم العام الماضى 2021 تأخير زراعته . فقد تم " زحزحة " موعد الزراعة من منتصف شهر أكتوبر , إلى نهاية العام – وبالتحديد – منتصف شهر ديسمبر . حيث أظهرت نتائج تحليل تنبؤات الرصد المناخى للمعمل المركزى للمناخ الزراعى , تعرض زراعة القمح لضرر كبيرفى حالة زراعتها موعيدها المعتادة . ومن بين نتائج تنبؤات الأرصاد الزراعة المبكرة " للقمح " فى ظل التقلبات المناخية الحالية تؤدى إلى , تتسبب فى عدم قدرة النبات على حمل سنابل القمح , وبالتالى " لفظها " طردها والتخلص منها نتيجة ضعفها وخلوها من حب القمح . وبالتالى إنخفاض إنتاج محصول القمح لعدم قدرته على التكيف مع الأجواء المناخية المعاكسة .

·      وبالنسبة لمحصول العنب يفضل إجراء عملية التقليم مبكرا عن السنوات الماضية . وقد شهد محصول العنب العام الماضى نقصا كبير فى الإنتاج . بسبب إرتفاع درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية , وعدم إلتزام المزارعين بنصائح تقليم المحصول مبكرا .

·      وبخصوص محصولا " المانجو , والزيتون " فقد تعرضا لطقسا شديد الحراة العام الماضى  , فلم يستوفيا إحتياجاتهما من البرودة . مما أدى إلى إنخفاض إنتاجهما . حيث تسبب إرتفاع درجة الحرارة فى " تزهير " أشجار " المانجو " فى وقت مبكر " بدرى " عن موعده . وبالتالى عدم حصوله على إحتياجاته من البرودة بالقدر الكافى . ونفس الشئ ينطبق على جميع أشجار الفاكهة متساقطة الأوراق . وقد ظهر ذلك واضحا فى إرتفاع أسعار كثير من الفاكهة العام الماضى .. نتيجة نقص المعروض عن الطلب بالأسواق . مما الحق الضرر بمعظم مزارعى الفاكهة والزيتون . وصناعات زيت الزيتون .

" البياض الزغبى واللفحات المتأخرة "

ثانيا : التوصيات الواجب مراعاتها عند التسميد , أو الرى , ومكافحة الأفات .

1)   فى حالة سقوط الأمطار والشبورة المائية العالية فى المناطق التى ليس بها صرف جيد . يجب تحضير التربة "حرثها ", وتسميدها بشكل جيد . وتقليل مرات الرى مابين 50 % , إلى 75 % عن المعتاد . بالإضافة إلى عمل رشة وقائية من مركبات مكافحة الأفات الزراعية . بسبب تراكم المياه فى التربة تحت جذور النبات . لتلافى إنتشار الأفات والأمراض الفطرية . فقد يؤدى تجميد المياه تحت جذور النبات . نتيجة الطقس البارد فى فصل الشتاء , إلى ظهور بعض الفطريات والبكتيريا الضارة . ومنها أمراض " الندوات , أو اللفحات المتأخرة " فى البطاطس والطماطم , و " البياض الزغبى " فى محصول البصل . " والصدأ " فى محصول القمح , وأمراض طبيقات الأوراق .

2)   وفى حالة تعرض الزراعة للرياح الشديدة تسقط بعض الأوراق والثمار . مما يتطلب القيام بإجراء رشات وقائية من المركبات النحاسية , والكبريتية بعد إنتهاء العاصفة . لتغذية النبات , والمحافظة عليه من التعرض لأى مخاضر .

" الحشرة الجياشة "

ومن بين الأفات والأمراض التى تتكاثر وتنتشر فى الأجواء المناخية شديدة الحارة " الحشرة الجياشة " دودة الحشد . وكذا  " التوتا أبسليوتا " . والتى تصيب محصول الطماطم . وتحدث به ضررا كبيرا . والتى تحول ظهورها من مجرد أفة موسمية مصاحبة للطقس الحار , إلى أفة متوطنة بسبب دخول مصر ودول العالم فى دوامة التغيرات المناخية .


أضف تعليق

أخبار ذات علاقة

القائمة البريدية